ما حققه المنتخب السعودي من فوز تاريخي ..وفخر واعتزاز سطوري .. وشموخ وطني ..و لذة إنجاز عالمي ..
فرحة الفوز لها طعم مختلف.. لأنها كانت مقرونة بالمستحيل .
المستحيل هو الدافع الذي صنع هذا الانتصار.. المستحيل هي الأداة التي ساعدت على استخراج المكنونات الإبداعية ..
المستحيل هي عجلة الإنجاز التي استند عليها ليثبت جدارته وكينونته ، ويجعل لنفسه بصمة على لوحة التاريخ
واصبح شعارنا المستحيل ليس سعودياً ..
فعند قراءة هذا الحدث الكروي ستجد فيه الكثير من العبر والدروس الملهمة أهمها :-
*شغف القياده
شغف وإيمان القيادة أن ترتقي بالجيل السعودي إلى أقصى درجات الاحتراف الرياضي وعليه رسمت قيادتنا رؤيتهم لتحقيق طموحاتهم حيث ذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله لتعزيز ذلك قائلاً :-
”تحظى كرة القدم في مملكتنا بزخم واسع وشعبية كبيرة في رؤيتنا مبنية على شغفنا الكبير برياضة كرة القدم “
وقال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد حفظه الله
“حظيت المملكة العربية السعودية باستضافة أفضل الرياضيين من مختلف الرياضات وخاصة في كرة القدم وذلك يأتي ً تجسيدا لعزمنا على أن تكون المملكة ً مركزا ً عالميا رائدا لمختلف الرياضات. نود توظيف شغفنا الكبير بكرة القدم كمحفز نحو النمو المستمر لهذه الرياضة.“
وقال عبد العزيز بن تركي الفيصل آل سعود وزير الرياضة رئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية ” نريد أن نكون منافسين حقيقيين في المشهد الكروي العالمي لنعكس موهبة شبابنا التي لا يمكن إنكارها وشغف المملكة بهذه الرياضة“
ياسر المسحل رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم “نستلهم من رؤية قيادتنا الرشيدة ودعمها اللامحدود لقطاع الرياضة من أجل بناء مستقبل مشرق للكرة السعودية بطموح كبير يدفعه شغفنا وتاريخنا الحافل بالإنجازات الكروية، ستدفع خطتنا الشاملة والطموحة بالمملكة لتصبح من بين دول النخبة في كرة القدم“
* التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التكتيكي
ترجمة رؤية القيادة إلى خطة استراتيجية قائمة على سبع ركائز اساسية وهي تطوير المواهب، المسابقات التنافسية، كرة القدم النسائية ،القوى العاملة ،الحوكمة ،التأثير العالمي ، التحول التقني .
انشأ الاتحاد السعودي مسار عالي الأداء لتطوير المواهب بدء العمل به من عام 2019 تحتضن لاعب سعودي يبدأ يلعب كرة القدم من سن مبكر من 6-12 سنة حتى يصبح لاعب محترفا في أحد الأندية، .كما أن الاتحاد السعودي يعمل من جانب آخر على الاستثمار المكثف للمواهب المتميزة في المملكة التي تتمتع بالحماس الإيجابي المنبعث من الأجيال السعودية الشابة الطموحة الذي يتوافق مع شغف القياده . عملية تطوير المواهب فكان لها اتجاهين اتجاه يعمل على تحقيق أهداف طويلة المدى إعداد العدة للمواهب الصغيرة للمستقبل الواعد ، واتجاه يعمل على تحقيق أهداف قصيرة المدى من خلال استقطاب المواهب المميزة الشابة الصاعدة لتكون من أوائل الدول عالمياً في كرة القدم .
* افهم منافسك وتعرف عليه جيدً
لا يمكن مجابهة ما لا يمكن فهمه ، لذلك الخطوة الأولى للنجاح والفوز التعرف على المنافسين والبحث عن نقاط قوتهم وضعفهم لأن ذلك يسهل عليك معرفة الجوانب التي تحتاج التنافس عليها و منحك فرص تبدع بها وتثبت مدى تميز ما تقدمه وهذا ما قام به مدرب المنتخب السعودي هيرفي رينارد استفاد من ثغرات المنتخب الارجنتين واعتبرها فرص تم استثمارها وركز على نقاط قوتهم وحاول مواجهتها بذكاء ودهاء ولم يتوقف من فهم والتعرف على خصمه حتى اللحظات الأخيرة .
* تقديم التغذية الراجعة
التغذية الراجعة المستمرة التي يقدمها المدرب للاعبين قبل المباراة وأثناء المباراة وبعد المباراة
لا ننسى دور هيرفي رينارد وهو يوجه فريقه ويذكرهم بأهدافهم بالمنافس الذي يوجهونه وكيف استطاع ان يعالج الثغرات التي ظهرت اثناء المباراة وهذا سمة المدرب الناجح لا يقف متفرج حتى يعلن الحكم صافرته وتنتهي المباراة بنتائج لا يرغب بها وإنما كان هناك تكتيك واضح من المدرب كان معالج لأي قصور وقدرته على اتخاذ القرار في الوقت المناسب و الاجراء السليم وتصحيح مسار فريقه يقوم بدور المراقب المتربص بفريسته ويعلن الهجوم في اللحظة المناسب هكذا كا هيرفي رينارد كالأسد يزمجر في عرينه ذلك الزئير الذي خطف الأنظار والقلوب زئير فيه قوة وحزم.. وثبات وصمود .
*روح العمل الجماعي ..
قدم المنتخب السعودي درساً مهماً أن العمل الجماعي المتجانس المتكامل بين أعضاء الفريق والإدارة والمدربين والكوادر الإدارية والفنية والطبية لها دور في صناعة رياضة كرة القدم الناجحة شاهدنا كيف كان كل لاعب يقوم بدوره وفهم كل منهم أنهم مكملين لبعض فكانوا يلعبون مثل الكتلة الواحدة الموجة العالية المترابطة دون تذبذب او تشتت فكانوا بعيدين عن الأنا ، فكانت لغة التناغم والانسجام بين أعضاء الفريق تسود الملعب حتى أحرز صالح الشهري نجم المنتخب السعودي لكرة القدم هدف التعادل في مرمى الأرجنتين بعد انطلاق الشوط الثاني بثلاث دقائق وجاء الهدف بعد تمريرة من منتصف الملعب ذهبت سريعا لـ صالح الشهري الذي ركض وسددها مباشرة ، وأحرز سالم الدوسري نجم المنتخب السعودي لكرة القدم هدف التقدم في مرمى الأرجنتين بعد صاروخية من خارج منطقة الجزاء ، بنجاح الشهري والدوسري في تسديد الهدف نجاحها هو نجاح الفريق.. الفريق الذي نسج صناعة الهدف بطريقة محبوكة .
الذكاء العاطفي ..
هو سلاحاً سرياً للشخص الرياضي و وهذا ما اعتمده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد حفظه الله عندما التقى مع المنتخب السعودي الوطني وتشجيعهم قبل مشاركتهم في كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 الذي بدأ حديثه بتهنئة المنتخب على مشاركتهم في كأس العالم ثم أضاف قائلا ” العبو لعبكم ،استمتعوا في البطولة بدون ضغوط نفسية ” استطاع ولي العهد بخطابه إدارة عواطف الفريق بفاعلية والحفاظ على صفاء أذهانهم حيث أن التحكم بالعواطف يحدث الفرق بين الفوز والخسارة .
*تطوير القوى العاملة ..
الاهتمام بتطوير القوى العاملة ( مدربين – لاعبين – حكام ) بكفاءة عالمية داخل الملعب وخارجه التي تستهدف تطوير وتدريب اللاعبين داخل معسكرات مستدامة حيث انعكس على اللياقة الجسمانية للفريق ،والاهتمام بصحة اللاعبين بإجراء فحوصات أسبوعية للاطمئنان على صحة اللاعبين ، أيضا التثقيف والتوجيه الإعلامي الذي حظي به اللاعبون انعكس عليهم عند ظهورهم اعلاميا .
*العلاقات الإيجابية والتأثير الإيجابي
من أروع المشاهد التي رسخت في الذاكرة العلاقات الإيجابية التي كانت واضحة بين وزير الرياضة ورئيس الاتحاد السعودي والمدرب وبين اللاعبين عندما دخل عليهم وزير الرياضة في غرفة الملابس عبر اللاعبين عن مشاعرهم بصوت واحد ويحملونه بين أيديهم محتفلين بالفوز والعلاقات الإيجابية بين اللاعبين أنفسهم ويجسد ذلك موقف ياسر الشهراني عندما انتبه للبليهي يحاول يستفز ميسي ركض مسرعا لحمايته من تهجم لاعبي الأرجنتين برغم من انشغال اللاعبين احتفالهم بهدف سالم الدوسري ،علاقة المدرب مع لاعبيه لم يكن فقط صاحب حنكة تكتيكية بل كان يمتلك القدرة على قراءة لاعبيه نفسيا فاستطاع من خلال خطابه الحماسي التحفيزي الوحشي أن يحول اللاعبين إلى أسود يخرجون أفضل ما لديهم على أرض الملعب استشعرنا كيف كانت الروح القتالية والصمود في اللعب حتى أطلقت صافرة الحكم بإنهاء المباراة
العلاقات الإيجابية والعميقة بين المنتخب وجمهوره السعودي والعربي على حد سواء ،واظهر هذا الفوز مدى حب شعوب العربية والإسلامية للمملكة العربية السعودية والعلاقات الوطيدة والمتينة التي تربطها معهم ، وأن انتصارنا الكروي وحّد الشعوب العربية ، وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست :” فوز المنتخب السعودي وحد العالم العربي المنقسم ،حيث قامت الاحتفالات في جميع أنحاء الشرق الأوسط ” فوز المنتخب السعودي مجرد محفز ليعبر الشعوب العربية والإسلامية محبتهم للمملكة العربية لأن السعودية العظيمة علاقتها مع الجميع تحت شعار السلام والحب .
الانتصار الكروي السعودي له التأثير الإيجابي بين كافة الدول المشاركة في كأس العالم لمسنا كيف استطاع المنتخب السعودي أن يثبت للعالم مدى نمو وتطور كرة القدم السعودية الذي كان نتاج الخطط التي تدعم المحترفين السعوديين ليصبحوا ذو تأثير ومثال يحتذى به عالميا
*الاستمرارية والاستدامة ..
من أهم الدروس الاستمرارية والاستدامة عندما قدم ولي العهد التهنئة بمناسبة التأهل لكأس العالم منوهاً بالدور المستمر والجهد المبذول لضمان التأهل “الذي أصبح شيئاً لازماً ” بالنسبة للسعوديين والمنتخب الأخضر، وكذلك عندما قال المدرب للاعبين احتفلنا بالفوز وفرحنا ..والآن يجب أن نعود إلى التدريبات والجدية ، ومن خلال اللقاءات بعد المباراة للاعبين لم يعتبروا الفوز على الأرجنتين انهم امتلكوا البطولة والفوز على المجموعة كان يتكلمون بكل هدوء ويذكرون أنفسهم أن متبقي لهم العب أمام المكسيك وبولندا ، الإحساس بالمسؤولية اعطاهم دافع الاستمرارية باللعب بشكل أفضل في المباريات القادمة والقدرة على إدارة المخاطر التي ستواجه والالتزام التام بجدية العمل لتحقيق الأهداف التي يطمحون إليها .
استطاعت المملكة العربية السعودية أن تسطر هذا الفوز وتجني ثمرة ما خططت له منذ انطلاق رؤية 2030
هذا الفوز لم يكن بالصدفة ولم يكن وليد اللحظة وإنما وراءه قوة وإرادة وعزيمة وعلم وعمل دؤوب بخطط محكمة
عند قراءة استراتيجية الاتحاد السعودي ومؤشراته نجد أن أغلبها تحققت على أرض الواقع .
ونستشعر من خلال هذا الفوز أن أعظم متعة في الحياة إنجاز شيئا قال عنه الآخرون مستحيل .
وأنت في قرار نفسك تردد ما في مستحيل ؟